دحدح ألماسة مبتدئة
عدد الرسائل : 140 العمر : 33 تاريخ التسجيل : 22/07/2008
| موضوع: حفنة من الطين الثلاثاء يوليو 22, 2008 7:52 pm | |
| - تلك الحفنة من الطين في جنبات الوادي لا تفكر إلى في ذاتها ، وتحلم الأحلام العديدة عن مستقبلها و تفخر بمكانتها وفضائلها، فها الأشجار تستمد منها العصارة التي تغذي الأغصان والأوراق، وها الأزهار تمتص منها الألوان الزاهية التي تجمل الحقول ومشاهد الطبيعة ، وها النهر المنساب يحدث الشاطئ عن القوة التي استمدها من الطين ساعة النبع منه، وانساب فيه. فهو يغمر الوادي ليساعد القوارب على الطوف، وليمد الطواحين بقوة الدفع ، ولشد ماتاقت تلك الحفنة من الطين أن يأتي دورها لتظهر بمظهر الجمال والروعة ، فقد قررت أن لا تبقى مخفية مدى الأدهار تحت الأرص.
وحدث ذات يوم أن امتدت يد مجهولة إلى الطين فانتزعته من مكانه ، فحمل على عربة إلى مكان بعيد فوق طريق وعرة ، لكن الطين كان يطمئن باله قائلاً : ((لا تجزع فطريق المصاعب دائما عسرة، وسبيل المجد محفوف بالمخاطر والمصاعب)). وما أن استقرت حفتنة الطين في مكانها الجديد حتى تناولتها أيدي العمال تارة بالضغط وأخرى باللف والعصر ، إلى أن وضعت أخيراً على دولاب الفخاري فخرجت قطعة من الآنية التي زجت في الأتون، وتعرضت للحرارة عند الشواء، وما إن خرجت من النار حتى ظنت أنها ستكون زينة المعبد، أو زهرية تليق بمائدة الملوك..وعزت قطعة الطين تفسها بأن زمان المتاعب قد انقضى، ودنا وقت الهناء والاستقرار ، وسرعان ما وضعت قرب بركة ماء فنظرت إلى خيالها المنعكس على صفحة الماء الرقراق، فرأت صورتها، وتأكدت من مظهرها البسيط ، فهي لا تليق أن تكون هدية للملوك ولا تحفة تزين بها ردهات القصور.
وما أسرع ان خاب ظن حفنة الطين، وتبددت أمانيها المعسولة، لأن صاحب العمل سلمها للبستاني الذي بدوره ملأها بالتراب والسماد ووضع فيها بصلة جافة من بصيلات الأزهار، ففكرت في نفسها متسائلة: ((لمثل هذا صنعت وهل هذا هو مصيري؟أن احوي تراباً وسماداً ! انني فاشلة في حياتي ، وخاسرة في آمالي)).وحملها البستاني إلى نور الشمس ، وماهي إلى بضعت ايام معدودة حتى شقت البصلة طريقها إلى النور نافضة طبقات التراب عنها ومندفعة بقوة النماء تطلق أوراقاً وتمد جذوراً. وحمل ذلك الأصيص يوماً إلى أبها كنيسة، فشهدت حفنة التراب منظراً رائعاً من حشود العبابدين والمصلين، وامتلأت بالجلال والسحر من عذوبة الاناشيد والتراتيل، وتلفتت حولها ورأت الأصيص مرتبة بقربها والأزهار تنثر من جمالها وبهجتها.فتساءلت لماذا انا هنا؟ وما بال الناس يتلفتون إلي ممعجبين بي ؟فقالت لها جارتها: ألا تعلمين انك تحتضنين زنبقة جميلة، بيضاء ناصعة كالثلج، وقلبها أصفر كالذهب؟، انهم يتطلعون إليك لأن الزنبقة الجميلة انبثقت من تربتك ، فجذورها في قلبك وأريجها يتضوع من حولك ، وللحال شكرت حفنة التراب خالقها لأنها ادركت أنها وان كانت آنية فخارية اعتيادية فقد حوت زهرة جميلة وكنزاً ثميناً. اتمنى تعجبكم
عدل سابقا من قبل دحدح في الأحد يوليو 27, 2008 3:17 am عدل 2 مرات | |
|
الساحر الأسود ألماسة متألقة
عدد الرسائل : 253 تاريخ التسجيل : 23/07/2008
| موضوع: رد: حفنة من الطين الجمعة يوليو 25, 2008 5:30 am | |
| موضوع رائع وأتمنى لك التوفيق الدائم بإذن الله | |
|
دحدح ألماسة مبتدئة
عدد الرسائل : 140 العمر : 33 تاريخ التسجيل : 22/07/2008
| موضوع: رد: حفنة من الطين السبت يوليو 26, 2008 5:34 pm | |
| شكرن على مورورك إلي هو احلى مافي موضوعي | |
|